سيادة القانون وقانون الأسلحة!

جميل أن نسمي الأمور بمسمياتها، وأن نعطي للمفاهيم معانيها الحقيقية، وتطبيقاتها العادلة، وآن الآوان أن نغادر حالة الفصام في الفهم العام، والتطبيق الانتقائي لنصوص القانون من حيث الأشخاص، والأوضاع، وعلينا أن نعلن مخاوفنا الحقيقية في قانون الانتخاب، وقانون الأسلحة، والذخائر بشرط أن لا نحتكر الحقيقة، أو نمارس الوصاية عليه، وقد لا يكون ملائماً التصنيف الطبقي، أو العرقي، أو التاريخي للولاءآت، ومظاهر الانتماء؛ فالمعايير في هذا الشأن هي معايير شخصية بحتة لا نقبل أن تنتقل لمرحلة الفهم الانطباعي الذي يسبب تسميم الانتماء، وإحباط الإخلاص للدولة، والمجتمع.نحن نفهم سيادة القانون وفقاً لمعايير الأخلاق الوطنية الراسخة القائمة على قيم الحق، والعدل، والمساواة بين الأردنيين بعيداً عن أحلام التوطين التي لن نقبل بها وفي رمقنا حياة، ونحن نفهم أن مصلحة الدولة، والمجتمع تقتضي أن تكون الحكومة على دراية تامة، ودقيقة لكل من يملك قطعة سلاح وبتراخيص قانونية واضحة، وموضوعية بعد تدقيق وتمحيص الحائزين لتلك الأسلحة أمنياً وعدلياً، والمزاودة في مبررات اقتناء السلاح مزاودة غير مقبولة ولا تتناقض مع تطبيق سيادة القانون، وترخيص السلاح وفقاً لأحكام القانون وعلى قاعدة المساواة بين الأردنيين وفقاً لتقدير الأجهزة المختصة في كل حالة.عشرة ملايين قطعة سلاح رقم مرعب في التوصيف الاجتماعي قياساً على عدد الأردنيين البالغين، وأظن أن الرقم أكبر من ذلك بكثير، وقوننة حيازة الأسلحة الخفيفة واجب على الحكومة قبل أن يكون حقاً لها، والحقيقة التي لا بد من الإشارة إليها ثمة فارق بين دعوات المصادرة لتلك الأسلحة، ودعوات الترخيص، والتنظيم القانوني، بل أكثر من ذلك فإن مبررات اعتراض البعض على طلب تنظيم قطاع الأسلحة الخفيفة هي ذات المبررات لترخيصها، وليس هناك مبرر للقلق ما دام أن الاستخدام الضروري المشروع للدفاع عن النفس، أو المال، أو نفس الغير أو ماله هو الأساس للحيازة.في الألفية الثالثة لن يكون ملائماً الحديث عن اقتناء الأسلحة بمشاعر الضرورة بعيداً عن متطلبات الرقابة الرسمية الدقيقة على اقتناء، وحمل وحيازة الاسلحة، والضرورة التي تتطلبها ظروف قاطني المناطق النائية، وأصحاب الماشية وبعض المهن، والأشخاص الذين تتطلب أعمالهم حمل الأسلحة، أو اقتنائها، تلك الظروف تقدر بقدرها، ولا يؤثر فيها ترخيص تلك الأسلحة، بل أن الدولة بمؤسساتها هي وحدها القادرة على رصد مدى الحاجة للاقتناء، أو الحمل من جهة وهي المكلفة دستورياً، وقانونياً بحماية الوطن، والمواطنين من أية مخاطر داخلية، أو خارجية، أو مدى الحاجة لتسليح المواطنين في ظروف استثائية خطرة، ودقيقة تتعلق بضرورات الأمن الوطني.الروح الوطنية النقية، ومتطلبات السلم الأهلي هي التي يجب أن تسود مناقشات مشروع قانون الأسلحة، والذخائر، والاستقواء على الدولة في تطبيق سيادة القانون من ايٍ كان هو سلوك مرفوض، ومدان. والترخيص الجبري للأسلحة الخفيفة حتى في حال تعدادها هو أجدى وأسلم من التهديد بالجمع القسري للأسلحة الخفيفة، والترخيص هو وحده الكفيل بالحد من تجارة الأسلحة غير المشروعة لأن حدود المسؤولية في تلك الحالة واضحة، واقتناء، أو حمل الأسلحة الأتوماتيكية هو أمر يجب أن نتفق على رفضه، وتجريم حيازته، وحمله وتغليظ العقوبة حياله، فالسلاح الحقيقي للدولة هي إرادة شعبها وإيمان أبنائها بأهمية سيادة القانون، والمساواة بين أبنائه. وحمى الله الوطن من كل سوء….!!!


لخبر على موقع المصدر:“عمون نيوز”