انتظرنا العدالة الدستورية ولكن ..

قبل ان نذهب الى وضع هذا العنوان في وضعه الصحيح ولان سيادة حكم القانون او مبدأ المشروعيه الذي تقوم عليه الدوله القانونيه يعني ان تكون جميع تصرفات الاداره في حدود القانون الشامل لجميع القواعد القانونيه مع مراعاة التدرج في قوتها .ولانه لا يكفي ان نقرر هذا المبدأ وانما يجب ان ينظم جزاء على مخالفته او تنظيم ضمانات تكفل احترامه فان من المفيد ونحن نتحدث عن المحكمه الدستوريه التي تمارس العداله الدستوريه ان نقف امام الورقه النقاشيه السادسه لجلالة الملك عبدالله الثاني المعظم (2) الجريئه والشجاعه التي لا تعترف بعائق او بحاجز كالذي تعيشه المنطقه من ظروف صعبه يمنع من التذكير بمبدأ لا تستقيم للناس حياة كريمة بدونه الا وهو ‘ مبدأ سيادة القانون ‘ ———————1يدل تعبير ‘ العداله الدستوريه ‘ على مجموعة المؤسسات والوسائل التي يؤمن بموجبها بدون تقييد ‘ تفوق الدستور ‘ ويعود استخدامه بالمعنى المعروف اليوم الى عام 1928 من العالمين كلسن kelsen ‘ وايسنمان eisenmann حيث العداله بالنسبه الى ‘ كلسن ‘ هي الضمانه القضائيه للدستور ويعرفها ابسنمان بانها نوع من القضاء يتناول القوانين الدستوريه واضاف تعبيرين ‘ عداله دستوريه وقضاء دستوري ‘ باعتبار القضاء الدستوري الجهاز الذي يمارس العداله الدستوريه , وعليه فان المعنى القانوني للعداله الدستوريه هو في ضمانة توزيع الصلاحيه بين التشريع العادي والتشريع الدستوري والا فان هذا القضاء لا يمارس العداله الدستوريه وهو اذا ليس قضاءا دستوريا . هذا وقد ذهب الفقه الدستوري الى بيان مهام العداله الدستوريه ب ‘ السهر على ارادة الامه او الشعب تراجع الماده 24 من الدستور الاردتي , والسهر على توزيع الصلاحيات العمودي والافقي بين السلطات تراجع المواد 28و62و97 وما بعدها من الدستور الاردني واضاف ‘ حماية الحقوق والحريات العامه ‘ تراجع الماده 5 وما بعدها من الدستور الاردني ’ ولا ننسى ان نذكر بان العداله الدستوريه منظمه وفق نموذجين : ان تناط بمجموعة المحاكم كما كان الحال عندنا قبل عام 2011 او تنزع منها ويعهد بها الى محكمه خاصه كما هو الحال عندنا بعد عام 2011 ‘ تراجع المواد 58 وما بعدها من الدستور .2-يراجع الدكتور محمد الغزوي – على هامش الورقه النقاشيه لجلالة الملك عبدالله الثاني المعظم سيادة القانون اساس الدوله المدنيه ‘ 16 من تشرين اول / اكتوبر 2016 – طبعة دار وائل للنشر – عمان –2016فماذا يعني مبدأ سيادة القانون لجلالته ؟ ان موضوع سيادة القانون بالنسبة لي كما يقول جلالته يميز الدوله المتقدمه الناجحه … الاساس الحقيقي للمجتمعات المنتجه ……. الضامن للحقوق الفرديه ….. الباني لمجتمع امن وعادل ……… المعبر الحقيقي عن حبنا لوطننا الذي نعتز به …… يفصل بين الازدهار والفتنه والعنصريه …….. غيابه قاد الى الحاله المروعه والمحزنه للعديد من الدول في منطقتنا ……… سيادة القانون الجسر الذي يمكن ان ينقلنا الى مستقبل افضل ……… ويضيف جلالته بالابلغ من القول ان التواني في تطبيق القانون بعدالة وشفافيه وكفاءه يؤدي الى ضياع الحقوق ويضعف الثقة باجهزة الدوله ومؤسساستها كما ان تساهل بعض المسئولين في تطبيق القانون بدقة ونزاهة وشفافية وعداله ومساواة يشجع البعض على الاستمرار بانتهاك القانون ويترك مجالا للتساهل الذي بقود لفساد اكبر بل الى اضعاف اهم ركائز الدوله الا وهي قيم المواطنه …….. يجب تحديد مواطن الخلل والقصور والاعتراف بها للعمل على معالجتها وارساء وتفعيل مبدأ المساءله والمحاسبه كمبدأ اساسي في عمل واداء مؤسساستنا وفي جميع طبقات ومراحل الاداره الحكوميه بحيث يكافأ الموظف على انجازه ويحاسب على تقصيره واهماله … الالتزام بمبدأ الكفاءه …… يجب العمل على تطوير الاذرع الرقابيه اضافة الى المحكمه الدستوريه ‘(1) وعليه وحتى نضع العنوان ( انتظرنا العداله الدستوريه ‘ ولكن …. ) في وضعه الصحيح ساتبع كلمة ‘ ولكن ‘ بكلمة متى ؟ وبكلمة لماذا ؟ وهي اسئله بالقانون وبالتالي فان الاجابه يجب ان تكون في القانوني وليس في الفلسفه او السياسه او الاقتصاد …………… الخ وبالعوده الى كلمة ‘ متى ‘ اي متى اخفقت المحكمه الدستوريه في تحقيق العداله الدستوريه ؟ كان ذلك في العديد من الاحكام والقرارات (2) , ولان صدر هذا العنوان لا يتسع لكثير الاجابة على ‘ كلمة متى ‘ فانني ساسارع الى القصر على الاحدث من اعمال المحكمه الدستوريه ——————- 1-ومن هذه الاذرع الرقابيه ‘ الرقابه على اعمال الاداره ‘ حيث اصبح الاردن من الدول ذات النظام الاداري pays a regime admikstratif التي يوجد فيها قضاء اداري على درجتين وفقا لقانونه رقم 27 لعام 2014 وهنا نذكر بضرورة اعادة تكوينه وتطويره بحيث يشمل اضافة الى القسم القضائي ‘ المحكمه الاداريه والمحكمه الاداريه العليا ‘ قسما اخر للفتوى والتشريع ‘ خيث يشكل هذا القضاء والقضاء الدستوري السند الحقيقي لحماية مبدأ سيادة القانون ‘ يراجع بحثنا على هامش الورقه النقاشيه سالف الذكر – ص 23 وما بعدها . . 2- حيث الاخطر من هذه الاحكام والقرارات ‘ الحكم رقم 2 لسنة 2018 في الطعن رقم 2 لسنة 2018 تاريخ 7/5/2018 والقرار رقم 2 لسنة 2013 الصادر في تفسير الماده 94/1 من الدستور تاريخ 17/1/2013 ولنا حول كل من الحكم والقرار رأي يخالف راي الهيئه العامه للمحكمه الدستوريه الموقره واعني بذلك قرار التفسير رقم 2 لسنة 2019 الصادر عن المحكمه الدستوريه بتاريخ ‘ 11/9/2019 ‘ الذي جاء وفقا للمسار الذي رسمه طلب التفسير ومصدرا لحيثياته بان الاتفاقيات التي تبرمها شركات مملوكه للحكومه مع شركات اخرى – اي شركة الكهرباء الوطنيه nepco وهي شركه مملوكه بالكامل للحكومه مع شركة نوبل انيرجي nbl Jordan markting limi المسجله في جزر الكايمن المملوكه من الشركات صاحبة حق استثمار حقل غاز’ ليفايثن ‘ – لا تدخل في مفهوم الاتفاقيات المنصوص عليها في الفقره 2 من الماده 33 من الدستور ولا يحتاج نفاذها لموافقة مجلس الامه . (1) لنبدأ كما يقول الفرنسيون من البدايه commencons par le commencement والبدايه ان الماده 26 من الدستور تنص على ان تناط السلطه التنفيذيه بالملك ويتولاها بواسطة وزرائه وفق احكام هذا الدستور , ووفقا لنص الماده 45 من الدستور ‘ يتولى مجلس الوزراء مسؤولية ادارة جميع شؤون الدوله الداخليه والخارجيه باستثناء ما قد عهد او يعهد به من تلك الشؤون بموجب هذا الدستور او اي قانون الى اي شخص او هيئه اخرى ‘ فان مجلس الوزراء هو المعني بادارة شؤون الدوله الداخليه والخارجيه بما يحقق مطالب وطموح الشعب الاردني وهو المعني بادارة علاقات الدوله الاردنيه مع سائر الدول الاخرى بما يحقق المصالح المشتركه ‘ ولا ننسى ان نذكر بانه لا يمكن بلوغ هذين الهدفين الا في اطار الدستور الذي يحكم ادارة شؤون الدوله الداخليه والخارجيه . هذا وبسبب تطور العلاقات الدوليه اخذنا نشهد كما يقول الفقه الدستوري ‘ تسلل جسم غريب على هيكل الهرم القانوني الوطني او قاعدة تسلسل او تدرج الاعمال القانونيه الا وهو ‘ المعاهدات الدوليه ‘ التي دخلت بصورة قسريه في النظام القانوني لهذه الدوله او تلك , ———————-1- لاحظ الصيغه غير المالوفه كما اعتقد التي استعملها طلب التفسير حدد المسار الذي يجب ان تسلكه المحكمه الدستوريه وبلور الاسباب او الحيثيات حيث جاء كما يلي : … قرر مجلس الوزراء ان يطلب تفسيرا من المحكمه الدستوريه على النحو التالي :- اولا) ابرمت شركة الكهرباء الوطنيه nepcوهي شركه مملوكه بالكامل للحكومه بتاريخ 26/9/2019 اتفاقيه لبيع وشراء الغاز الطبيعي مع شركة نوبل انيرجي nbl Jordan markting limited وهي شركه مسجله في جزر الكايمن مملوكه من الشركات صاحبة حق استثمار حقل غاز ليفايثن . ثانيا) تنص الماده 33 من الدستور على ما يلي : 1- ………..2-………. ثالثا) 1- ورد في القرار رقم 2 لسنة 1955 الصادر عن المجلس العالي لتفسير الدستور بتاريخ 16/4/ 1955 والذي صدر لتفسير نص الماده 33 قبل تعديلها بتاريخ 4/5/1958 ما يلي :…. 2- ورد في القرار رقم 1 لسنة 1962 الصادر عن المجلس العالي لتفسير الدستور بتاريخ 10/4/1962 والذي صدرلتفسير نص الماده 22 بعد تعديلها بتاريخ 4/5/1958 ما يلي . ……’ وتابع الطلب ليقول ‘ في ضوء النصوص المشار اليها اعلاه فان المطلوب تفسيره هو بيان فيما اذا كانت الاتفاقيات التي تبرمها شركات مملوكه بالكامل للحكومه مع شركات اخرى تدخل في مفهوم الاتفاقيات المنصوص عليها في الفقره الثانيه من الماده 33 من الدستور وبحيث لا تكون تلك الاتفاقيات نافذة المفعول الا اذا وافق عليها مجلس الامه . ( الا يشكل هذا تحديدا لمعالم قرار المحكمه الدستوريه )وها نحن في الاردن لدينا ( اكثر من 150 اتفاقيه عربيه ) ( واكثر من 470اتفاقيه دوليه ) ( واكثر من 1850 اتفاقيه ثنائيه ) فهل هذه الاتفاقيات او المعاهدات الدوليه اسمى او ادنى او بمرتبة القانون ؟ . لن نتعرض لتلك المذاهب وذلك الجدل وما اسفر عنه من مواقف ‘ وحدة القانونين – ثنائية القانونين الداخلي والدولي ‘ ولكننا سنعود الى الدستور الاردني لعام 1952 لندرسه ونستشيره ونطيعه فكيف حدد العلاقة بين القانونين ؟ وكيف تعامل مع المعاهدات والاتفاقات الدوليه ؟ وهل اجاز الرقابة عليها وذلك على غرار القوانين والانظمه النافذه امام كل من القضاء الاداري والقضاء الدستوري ؟ وهل يتسع هذين القضائين للرقابه عليها ؟ (1) سنسارع الى القول باننا : لا نغالي اذا قلنا ان الرقابة السابقه التي ترتبط باجراءات سن القانون التي يمارسها مجلس الامه الاردني ‘ الاعيان والنواب ‘ على مضمون المعاهدات والاتفاقات الدوليه هي التي تعيد التوازن في النظام القانوني الاردني الذي يتربع على راسه الدستور واكثر من ذلك -كما سنبين – فان الدستور فيه ما يامر بفحص شرعية جميع الاعمال التي تصدر عن السلطه التنقيذيه ‘ تراجع الماده 24 والماده 27 كما تراجع المواد التي اعتمدت مبدأ الفصل بين السلطات واقامت تعاونا وتوازنا فيما بينها ‘ 28 و 62و 97 وما بعدها ‘ولا نغالي اذا عدنا واكدنا ان نصوص الدستور الاردني بهذا الشأن جاءت صريحه وواضحه :” فهذه الماده الاولى من الدستور الاردني التي لم يتنبه لها ولم يشر لها ولم تسبر اغوارها من اي من الباحثين او الدارسين للنظام القانوني الاردني في هذا المجال التي تجعل من المعاهده او الاتفاقيه التي تتعلق بحقوق دستوريه في مرتبة الدستور .” وهذه الماده 33 من الدستور الذي اختلط امرها على الكثيرين وتشتت الراي حولها عند الباحثين تعتبر القرارات التي تصدر من السلطه التنفيذيه عملا تشريعيا او برلمانيا لانها تتضمن قواعد عامه وتجعل من المعاهدات والاتفاقات التي يترتب عليها تحميل خزانة الدوله شيئا من النفقات او مساس في حقوق الاردنيين العامه او الخاصه ……… في مرتبة القانون ولكن كيف؟————————-1-يراجع الدكتور محمد الغزوي – الحقوق والحريات الاساسيه في الدستور الاردني ودور المحكمه الدستوريه الاردنيه لضمان توافق القانون المحلي مع المعاهدات الدوليه – دار وائل للنشر 2016 اما فيما خص الماده الاولى من الدستور فقد نصت على ان المملكه الاردنيه الهاشميه دوله عربيه مستقله ذات سياده ملكها لا يتجزأ ولا ينزل عن شيء منه والشعب الاردني جزء من الامة العربيه ونظام الحكم فيها نيابي ملكي وراثي .ان هذا النص وبخاصة ‘ عبارة ان الشعب الاردني جزء من الامة العربيه ‘ يبلور توجها قوميا من ناحيه ويبلور التزاما يقع على عاتق النظام السياسي في الاردن ان يسلك من الدروب ما يحقق طموحه القومي (1) وبالتالي فان الامر يتعلق بحقوق دستوريه ولهذا لا يمكن موافقة البرلمان على اية معاهده او اتفاقيه من هذا النوع الا من خلال الاليه المعتمده لاقرار القانون الدستوري بحيث ينظر الى هذه المعاهده او الاتفاقيه بانها معدلة للدستور وبناء عليه فان المعاهده وفقا لنص الماده الاولى من الدستور هي في مرتبة الدستور . واما ما يخص الماده 33 من الدستور (2)فهي توزع الصلاحيات ما بين السلطه التنفيذيه والسلطه التشريعيه جاء فيها : 1- الملك هو الذي يعلن الحرب ويعقد الصلح ويبرم المعاهدات والاتفاقات (3)2- المعاهدات والاتفاقات التي يترتب عليها تحميل خزانة الدوله شيئا من النفقات او مساس في حقوق الاردنيين العامه او الخاصه لا تكون نافذة الا اذا وافق عليها مجلس الامه ولا يجوز في اي حال ان تكون الشروط السريه في معاهدة او اتفاق ما مناقضة للشروط العلنيه . 1-يراجع عن هذه الدروب الدكتور محمد الغزوي – الوجيز في التنظيم السياسي والدستوري للمملكه الاردنيه الهاشميه – عمان 1985- ص 65 وما بعدها . 2- ومما يجدر ذكره ان الماده 33 كان نصها في الاصل اي في 1/1/1952 تاريخ نشر الدسور الاردني لعام 1952 :1-الملك هو الذي يعلن الحرب ويعقد الصلح ويبرم المعاهدات 2- معاهدات الصلح والتحالف والتجاره والملاحه والمعاهدات الاخرى التي يترتب عليها تعديل في اراضي الدوله او نقص في حقوق سيادتها او تحميل خزانتها شيئا من النفقات او مساس بحقوق الاردنيين العامه او الخاصه لا تكون نافذة الا اذا وافق عليها مجلس الامه ولا يجوز في اي حال ان تكون الشروط السريه في معاهدة ما مناقضة للشروط العلنيه . واصبح نصها وفقا لتعديل 4/5/1958 وتعديل 1/9/1958 كما يلي : 1- الملك هو الذي يعلن الحرب ويعقد الصلح ويبرم المعاهدات والاتفاقات 2- المعاهدات والاتفاقات التي يترتب عليها تحميل خزانة الدوله شيئا من النفقات او مساس في حقوق الاردنيين العامه او الخاصه لا تكون نافذة الا اذا وافق عليها مجلس الامه ولا يجوز في اي حال ان تكون الشروط السريه في معاهدة او اتفاق ما مناقضة للشروط العلنيه . وبناء عليه فان المشرع الدستوري الاردني عندما عدل النص وقام بحذف عبارة ‘ معاهدات الصلح والتحالف والتجاره ……… سيادتها ‘ ادخلها اي تلك المعاهدات ودخلت فعلا في نطاق الفقره الاولى من الماده 33 ليتنازعها مع بقية المعاهدات التي تبرم توجهين اما ان تكون من طائفةاعمال السياده او لا تكون وتدخل في نطاق الفقره الثانيه . -3-الاصل ان ينصرف لفظ المعاهده traite بصفه خاصه الى الاتفاقيات الدوليه الهامه ذات الطابع السياسي ‘ صلح , تحالف ….. واما ما تبرمه الدول في غير الشؤون السياسيه فيطلق عليه اسم ‘ اتفاقيه convention او اتفاق accord تبعا لاهمية ما اتفق عليه ونطاقه وعدد الدول المشتركه فيه . يقول الفقيه الدكتور علي صادق ابو هيف ‘ ان التخصيص في التسميه ليس له نتيجه عمليه فالواقع ان مؤدى هذه الالفاظ جميعها واحد وكلها تدور حول فكرة واحدة ‘ قيام اتفاق بين دولتين او اكثر يترتب عليه نتائج معينه ‘ وجرى العمل فعلا على استعمال لفظي معاهدة واتفاقية كمترادفين ‘ القانون الدولي العام – اسكندريه – ص 523 وما بعدها ‘ وعليه قد يعتقد البعض ان هناك تناقضا بين فقرتي الماده 33 سالفة الذكر والصحيح كما نرى ان الاعتراف للملك بحق ابرام المعاهدات والاتفاقات وفقا للفقره الاولى منها لا يتعارض مع النص على وجوب موافقة البرلمان على المعاهدات قبل نفاذها بموجب الفقره الثانيه ذلك لان الماده 33 سالفة الذكر بفقرتيها تحافظ من ناحيه على حقوق الملك الذي يمارسها بواسطة وزرائه ولا تمس من ناحية ثانية بنظام المسئوليه الوزاريه والرقابه البرلمانيه وهي بهذا كله تتفق والتقاليد التي سارت عليها البلاد الدستوريه الاخرى . ففي الشق الاول منها : الملك هو الذي يعلن الحرب ويعقد الصلح ويبرم المعاهدات والاتفاقات يجب ان تفسر في ضوء ان الملك وفقا لنص الماده 30 من الدستور مصون من كل تبعة ومسؤوليه ويتولى السلطه التنفيذيه وفقا لنص الماده 26 من الدستور بواسطة وزرائه ويمارس وفقا لنص الماده 40/1 من الدستور صلاحياته بارادة ملكيه وتكون الاراده الملكيه موقعة من رئيس الوزراء والوزير او الوزراء المختصين , يبدي الملك موافقته بتثبيت توقيعه فوق التواقيع المذكوره . هذا ومن الامثله للمعاهدات او الاتفاقات التي تذكر تطبيقا للفقره الاولى من الماده 33 سالفة الذكر : صدور الاراده الملكيه الساميه بالموافقه على: (قرار مجلس الوزراء رقم 1977 تاريخ 14/12/:2014 المتضمن الموافقه على اتفاق بين حكومة المملكه الاردنيه الهاشميه ومكتب الامم المتحده لتنسيق الشؤون الانسانيه في الاردن الذي تم التوقيع عليه في عمان بتاريخ 21/10/2014 )( قرار مجلس الوزراء رقم 920 تاريخ 4/12/2016 المتضمن الموافقه على انضمام المملكه الاردنيه الهاشميه الى معاهدة التعاون بشأن البراءات pct لسنة 1970 )( قرار مجلس الوزراء رقم 492 تاريخ 2/11/2016 المتضمن الموافقه على معاهدة الانتاج المشترك للمصتفات السمعيه البصريه بين كل من حكومة المملكه الاردنيه الهاشميه وحكومة كندا التي تم التوقيع عليها في عمان بتاريخ 31/10/2016 )( قرار مجلس الوزراء رقم 406 تاريخ 30/10/2016 المتضمن الموافقه على اتفاقيه بين حكومة المملكه الاردنيه الهاشميه وحكومة جمهورية كوريا لتبادل وحماية المعلومات العسكريه المصتفه التي تم التوقيع عليها في عمان بتاريخ 30/5/2016 ) ( قرار مجلس الوزراء رقم 547 تاريخ 17/7/2016 المتضمن الموافقه على اتفاق باريس بشان تغير المناخ الذي تم التوقيع عليه في باريس )( قرار مجلس الوزراء رقم 2427 تاريخ 30/3/2017 المتضمن الموافقه على اتفاقيه بين حكومة جمهورية كوريا وحكومة المملكه الاردنيه الهاشميه حول الاعفاء من متطلبات التاشيره لحملة الجوازات الدبلوماسيه التي تم التوقيع عليها في مدينة سيؤول بتاريخ 11/9/2015 ) ( قرار مجلس الوزراء رقم 4030 تاريخ 13/8/ 2017 المتضمن الموافقه على اتفاقيه بين حكومة المملكه الاردنيه الهاشميه وحكومة الجمهوريه التركيه فيما يتعلق بتعزيز وحماية الاستثمارات المتبادله التي تم التوقيع عليها في مدينة عمان بتاريخ 27/3/2016 ( قرار مجلس الوزراء رقم /…….. تاريخ / ………. المتضمن الموافقه على اتفاقية الغاز الموقعه في 26/9/2016 بين الطرف الاول ) البائع nbl Jordan marketing limited ‘ الاردن للتسويق المحدوده ‘ وهي شركه مسجله في جزر الكايمن ذات مسئوليه محدوده ومملوكه بالكامل من قبل الشركاء في حقل ليفايثن على ساحل البحر المتوسط الذي سيتم استيراد الغاز منها ومقرها الرئيسي في 12 اباايبان بوليفارد هيرتسليا 46725 اسرائيل والطرف الثاني ) المشتري شركة الكهرباء الوطنيه الاردنيه وهي شركه مساهمه عامه مملوكه بالكامل من قبل الحكومه الاردنيه (1). وهنا لا بد من وقفه لان الماده 26 من الدستور التي تنص على ان تناط السلطه التنفيذيه بالملك ويتولاها بواسطة وزرائه ………… قصدت السلطه التنفيذيه ممثله في شخص المالك فانه يجوز كما يقول فقه القانون العام ‘ الدكتور الطماوي ’ الدكتور محمد فؤاد مهنا , والدكتور جرانه ‘ (2) ان تصدر الانظمه او اللوائح التنفيذيه في صورة قرار/ قرارات وزاريه , لكن ولان الغرض من هذه الانظمه او اللوائح التنفيذيه ابراز الجزئيات والتفصيلات اللازمه لنفاذ الاحكام التي يتضمنها القانون فاين هذا القانون الذي جاء القرار الوزاري تنفيذا له ؟ سنسارع الى القول مع فقه القانون العام ايضا ان القرارات الوزاريه سالفة الذكر لا تستند الى قانون فهذا القانون غائب وبالتالي فان هذا الغياب للقانون يثبر التساؤل بالقانون ويتطلب الاجابة عليه في القانون كما سنبين لاحقا . وعليه فانه لا بد من وقفه لنتساءل هل تخضع قرارات مجلس الوزراء بالموافقه على المعاهدات والاتفاقات التي تعقد مع الدول الاخرى للرقابه وبخاصه للرقابه الدستوريه ؟ فهذا سؤال بالقانون وبالتالي فان الاجابة يجب ان تكون في القانون . وبناء على ما تقدم ولانني لم اجد رايا في القانون انتجه درسا او بحثا ساذهب الى الراي وفقا لقاعدة ان لكل مجتهد نصيب والى الدفع به وفقا لقاعدة من يضيق صدره حول تقييم الراي ليس من اهل العلم او اهلا للعلم ليوضع في عهدة البحث العلمي والدرس الجاد الذي يتولاه ويقوم به باحثا او دارسا من غير اولئك الذين وصفهم ‘ مونتسكيو بالنبتة الزاحفه . —————————-1- قيمة الاتفاقيه10 مليار دولار مقابل توريد 16 تريليون متر مكعب في بداية 2020 ولمدة 15 سنه عبر انابيب من بئر ليناثيان في البحر المتوسط الى شمال المملكه . جريدة الراي الاردنيه 6/4/2019 2–الدكتور سليمان الطماوي – النظريه العامه للقرارات الاداريه – دراسه مقارنه – – دار الفكر العربي – القاهره 1976- ص 20نقطة البدء ان السلطات العامه في الدوله ‘ ثلاثه : التشريعيه والتنفيذيه والقضائيه , وفي الاشاره الى السلطه التنفيذيه فان الهيئات التي تقصدها الدساتير تشمل ‘ رئيس الدوله ورئيس الوزراء والوزراء والمصالح والادارات المختلفه ……… الخ وان النصوص الدستوريه هي التي تحدد اعمال السلطه العامه اي تلك الاعمال التي تقوم بها تلك الهيئات الممثله لهذه السلطه وهذه الطائفه من الاعمال تنقسم الى ‘ اعمال اداريه والى اعمال سياده او حكوميه ‘ (1) هذا وتتميز ‘ الاعمال الاداريه واعمال السياده ‘ بالقدر الذي تمس به مصالح الدوله فان راى القضاء ان عمل السلطه التنفيذيه يتصل بمصالح الدوله العليا اعتبره عملا من اعمال السياده وحبس رقابته عنه والا اخضعه لها . وعليه فان تكييف عمل ما بانه عمل سياده او عمل حكومي تترتب عليه اذا نتيجة بالغة الخطوره الا وهي تحصين هذا العمل ضد رقابة القضاء وذلك بعكس العمل الاداري . وهنا تبرز اهمية التمييز بين هذين العملين , فعلى اي اساس تستند التفرقه بينهما ؟ انتهى الراي الى ان عمل السياده هو ذلك العمل الصادر عن السلطه التنفيذيه بوصفها حكومه في حين ان العمل يكون اداريا اذا كان صادرا عنها بوصفها اداره . هذا ولان ما قيل لا يؤدي الى الحسم او الحصر الدقيق لاعمال السياده حيث الظروف والملابسات السياسيه قد ترتقي بالعمل الاداري الى مرتبة اعمال السياده والعكس صحيح قد تهبط بعمل السياده الى مرتبة الاعمال الاداريه (2)لهذا ترك الامر لتقدير القضاء وعلى ضوءاحكامه امكن للفقهاء تكوين قائمة لاعمال السياده عندما لم يصل الفقه والاجتهاد الى الجرأه في الغاء نظرية اعمال السياده التي ————————1- يراجع استاذنا الدكتور محمد فؤاد مهنا – القانون الاداري العربي في ظل النظام الاشتراكي الديمقراطي التعاوني – القاهره 1963/1964- ص 1026 وما بعدها , كما يراجع الدكتور حسين عثمان – اصول القانون الاداري – بيروت 2006- ص 548 وما بعدها , 2-يراجع عن فشل الاهتداء الى معيار للعمل الحكومي واعتماد قائمة ‘الاعمال الحكوميه ‘ الدكتور عصام اسماعيل – الطبيعه القانونيه للقرار الاداري – بيروت2009- ص 472 وما بعدهوصفت بالطفيليه تدخل اي اعمال السياده ضمن احدى فئتين: (1)الاولى) القرارات التي تصدر في اطار العلاقه بين السلطات الدستوريه ‘ علاقة الحكومه بمجلس النواب وعلاقة اعضاء الحكومه فيما بينهم ‘ الثانيه)القرارات التي تصدر في اطار العلاقات الدوليه ‘ المعاهدات والاتفاقيات الدوليه بكافة مراحلها ‘ ‘ واعمال الحمايه الدبلوماسيه والقنصليه ‘ وبالعوده الى النظام القانوني الاردني حيث تناط السلطه التنفيذيه وفقا لنص الماده 26 من الدستور بالملك ويتولاها بواسطة وزرائه وفق احكام هذا الدستور بين الدستور الاردني ما يتعلق باختصاصات الملك الحكوميه واختصاصاته الاداريه . (2) وفي عام 2014 صدر قانون القضاء الاداري رقم 27 ونص في الماده 5/د منه على ان لا تختص المحكمه الاداريه بالنظر في الطلبات او الطعون المتعلقه باعمال السياده . (3) وعليه فان ما قامت به السلطه التنفيذيه وفقا للفقره الاولى من الماد33 من الدستور وعقدته من معاهدات واتفاقيات اعتبر من اعمال السياده التي تتمتع بحصانه ضد رقابة القضاء بجميع صورها او مظاهرها سواء في ذلك رقابة الالغاء ورقابة التعويض ورقابة فحص الشرعيه . ——————————1-يقول الدكتور عصام اسماعيل ‘ على اثر فشل الاهتداء الى معيار محدد يسمح بالتعرف على العمل الحكومي او عمل السياده ظهرت هذه الاعمال ضمن نطاق محدد الامر الذي ينفي عنها صفتها كفئه قانونيه مستقله ولم يتورع الفقهاء عن وصفها بانها نظريه طفيليه او غير مبرره ومن الواجب الغاءها لان مبررات اعتمادها اصبحت منتفيه ‘ كنظرية الوزير القاضي ‘ المرجع السابق – ص 476 وما بعدها ‘ كما يراجع استاذنا الدكتور محمود حافظ – القضاء الاداري في الاردن – عمان 1987- ص 153 وما بعدها . 2-الدكتور محمد الغزوي – الوجيز في التنظيم السياسي والدستوري للمملكه الاردنيه الهاشميه – المرجع السابق ص 98 وما بعدها 3-وقبل ذلك نصت الماده 10/3/ط من قانون تشكيل المحاكم النظاميه رقم 38 لسنة 1963 على هذه الحصانه ‘ لا تقبل الطلبات المقدمه للطعن في القرارات المتعلقه بعمل من اعمال السياده ‘ وقبله اخذت محكمة العدل العليا بنظرية اعمال السياده حاء في حكمها رقم 34/52 ‘ ان الاعمال التي تصدر عن السلطه التنفيذيه على نوعين : اعمال اداريه واعمال سياسيه فما كان منها من النوع الاول فهو خاضع لرقابة هذه المحكمه ….. واما ما كان منها من النوع الثاني فلا حق لهذه المحكمه بمناقشتها , والاعمال الاداريه المبحوث عنها كما عرفها علماء القانون هي الاجراءات المتعلقه بتطبيق القوانين العامه في البلاد ومراعاة علاقات الافراد بالدوائر الحكوميه اما الاعمال الحكوميه السياسيه فهي المتعلقه بتنفيذ القوانين الاساسيه الدستوريه وحركة السلطات الاخرى وروابط الحكومه بالمجالس النيابيه وكذلك روابط الدوله مع الدول الاجنبيه ‘ الدكتور محمود حاقظ- المرجع السابق – ص 162/ واما الشق الثاني من الماده 33 من الدستور فهو يقصر المشاركه البرلمانيه على نوع معين من المعاهدات والاتفاقيات وهي : المعاهدات والاتفاقات التي يترتب عليها تحميل خزانة الدوله شيئا من النفقات او مساس في حقوق الاردنيين العامه او الخاصه لا تكون نافذه الا اذا وافق عليها مجلس الامه ولا يجوز في اي حال ان تكون الشروط السريه في معاهدة او اتفاق ما مناقضة للشروط العلنيه . هذا ومن الامثله التي تذكر تطبيقا لهذه الفقره : ( قانون التصديق على اتفاقية برنامج تطوير لتقييم وتطوير وانتاج البترول في الاردن بين وزارة الطاقه والثروه المعدنيه في المملكه الاردنيه الهاشميه وشركة ‘ ترانسبورواينيرجي ‘ في منطقة حقل حمزه لسنة 2015) ( قانون الغاء قانون التصديق على اتفاقية برنامج تطوير لتقييم وتطوير وانتاج البترول في الاردن بين وزارة الطاقه والثروه المعدنيه في المملكه الاردنيه الهاشميه وشركة ‘ ترانسبورواينيرجي ‘ لسنة 2017 )( رفض مشروع قانون التصديق على اتفاقية المشاركه في الانتاج للاستكشاف عن البترول وتقييم اكتشافه وتطويره وانتاجه بين سلطة المصادر الطبيعيه في المملكه الاردنيه الهاشميه وائتلاف شركة كوريا جلوبال في منطقة البحر الميت ووادي عربه لسنة 2015 ) ( قانون التصديق على الاتفاقيه الدوليه لقمع اعمال الارهاب النووي لسنة 2014 )( معاهدة السلام بين المملكه الاردنيه الهاشميه ودولة اسرائيل ‘ نوقشت بعد احالتها الى مجلس النواب حيث صادق عليها في 6/11/1994 وفي 8/11/1994 صادق عليها مجلس الاعيان وفي 26/10/1994 وقعها كل من رئيس الوزراء للدولتين واصبحت قانونا في النظام القانوني الاردني بعد تصديقها من جلالة الملك في 10/11/1994 وعليه فاننا امام مسارين اثنين للفقره الثانيه من الماده 33 من الدستور السالفة الذكر 🙁 المسارالاول) فهو مسار يفيد من ناحيتين : االناحيه لاولى- تستطيع المحكمه الدستوريه الاردنيه وفقا لنص الماده 59و60 من الدستور ان تراقب مدى مطابقة المعاهدات والاتفاقات لاحكام الدستور ولا يترتب على الغاء المحكمه الدستوريه للمعاهده من ناحية ثانيه اية عواقب في مبدان العلاقات الدوليه , فالمعاهده او الاتفاقيه التي تدخل بعد موافقة مجلس الامه في النظام القانوني الاردني وتصبح قوانين تطبق عليها الاصول المتعلقه بالاقرار والاصدار ولا بد من ان تخضع لرقابة المحكمه الدستوريه وفقا للنصوص سالفة الذكر واذا اعلنت المحكمه الدستوريه مخالفة المعاهده او الاتفاقيه او بعض نصوصها للدستور لا تعتبر نافذه , ( المسارالثاني ) وحيث تتسع هذه الفقره الثانيه لبعض الاتفاقيات والمعاهدات تاسيسا على ما تحمله لخزينة الدوله وتمسه من حقوق للاردنيين تحقق انسجاما مع الفقره الاولى ومن ناحية ثانيه وحيث لا تتسع هذه الفقره لكافة المعاهدات والاتفاقات التي تعقدها السلطه التنفيذيه ‘ الملك بواسطة وزرائه وفقا لنص الماده 26 من الدستور ‘ تحقق تناقضا بين هذه الفقره والفقره الاولى من الماده 33 . فان ذلك يعني ان لدينا في النظام القانوني الاردني ‘ طائفة كبيرة من المعاهدات والاتفاقيات ‘ لا تدخل في نطاق الفقره الثانيه من الماده 33 سالفة الذكر وتخرج من نطاق الرقابه وهنا لا بد من وقفه لنسجل ان هذه الطائفه من المعاهدات والاتفاقات سالفة الذكر يتنازع امر تضمينها للفقره الثانيه من الماده 33 وبالتالي اخضاعها للرقابه القضائيه موقفا بتوجهين اثنين : (التوجه الاول ) وهو خاص بطائفة المعاهدات والاتفاقات التي تخرج من نطاق الرقابه القضائيه ويطلق عليها ‘ طائفة اعمال السياده ‘ او الاعمال السياسيه او الاعمال الحكوميه بسند ‘ حكم محكمة العدل العليا رقم 34/52 سالف الذكر ‘ وما امرت به الماده العاشره من قانون تشكيل المحاكم النظاميه لعام 1963 ثم بعد ذلك الماده الخامسه من قانون القضاء الاداري رقم 27 لعام 2014 ‘ (النوجه الثاني ) وهو الخاص بطائفة المعاهدات والاتفاقات الماليه التي تبرم مع البنوك والشركات حيث لا تشملها الفقره الثانيه من الماده 33 بسند ‘ القرار رقم 2 لسنة 1955 الصادر عن المجلس العالي لتفسير الدستور بتاريخ 16/4/1955 والقرار رقم 1 لسنة 1962 الصادر عن المجلس العالي المختص بتفسير الدستور بتاريخ 10/4/1962 وفي ضوء هذا التوجه : فان ما يبرم من معاهدات واتفاقات وفقا للفقرة الاولى من الماده 33 تتعدد انواعه :1- ما يصدر بقرار وزاري ويعد من اعمال السياده محصنا ضد الرقابه 2- ما يصدر بقرار وزاري بعضه نافذ اذا وافق عليها مجلس الامه 3- ما يصدر بقرار وزاري بعضه نافذ بدون موافقة مجلس الامه وهنا لابد من وقفه لنعود ونذكر ان تعديل الماده 33 من الدستور لسنة 1958 انتج موقفا مهما حيث وسع من نطاق الفقره الاولى من هذه الماده بحيث اصبحت تشمل كل الاتفاقيات والمعاهدات التي تبرمها السلطه التنفيذيه وتعتبرها من اعمال السياده المحصنه من كل انواع الرقابه وايا كان نوعها سياسيه اقصاديه ………….. الخ وفي هذا كما اعتقد الغاء ونبذ للراي القائل بالتصنيف وما يرتبه من خضوع او عدم خضوع للرقابه . ولكن ولان المحكمه الدستوريه الاردنيه في قرارها الاخير رقم 2 لسنة 2019 ذهبت بالاستناد على قرار المجلس العالي لتفسير الدستور الذي صدر بتاريخ 10/4/1962 الى تقسيم تلك الطائفه من المعاهدات الى نوعين : طائفة اعمال السياده التي لا تخضع للرقابه وفقا لنص الماده الخامسه من قانون القضاء الاداري لعام 2014 وطائفة الاعمال التجاريه التي لا تخضع للرقابه وتعتبر نافذه دون موافقة مجلس الامه فاننا نتساءل بالقانون ماذا عن القيمه العلميه القانونيه والدستوريه للاسانيد سالفة الذكر ؟ لان لدينا دستور يرسم لنا الطريق علينا ان نعود اليه لندرسه ونستشيره ونطيعه نقطة البدء لان مصادر القواعد القانونيه متعدده ومتنوعه (1) فلا يقتصر انشاءها على سلطة واحدة في الدوله , وحتى يتم نبذ اي تعارض او تناقض بين هذه القواعد التي يتكون منها النظام القانوني في الدوله يجب البحث عن قاعدة تحقق الترابط والانسجام بينها وقد وجد الفقه والقضاء في مبدأ تدرج القواعد القانونيه القائم على تدرج السلطات المختصه بوضعها ما يكفل كل ذلك (2) فهو الذي يكفل بناء القواعد القانونيه على اسس متينه ————————–1- المصادر الرسميه الاصليه التي يتعين الرجوع اليها اولا للتعرف على القاعده القانونيه (التشريع بانواعه الاساسي او الدستوري ’ والرئيسي او العادي بواسطة السلطه التشريعيه وبواسطة رئيس الدوله , والتشريع الفرعي او اللائحي الذي تسنه السلطه التنفيذيه والمصادر الرسميه الاحتياطيه التي لا يلجأ اليها الا اذا خلا االمصدر الاصلي من قاعده تحكم النزاع وهو ما نصت عليه الماده الثانيه من القانون المدني الاردني رقم 42 لسنة 1976. ‘ تراجع مؤلفات المدخل الى دراسة القانون على سبيل المثال ‘ القاضي محمد كمال عبدالعزيز – نظرية القانون – القاهره 1962’ الدكتوران السنهوري وابو ستيت – اصول القانون او المدخل الى دراسة القانون – القاهره 1941 ‘ هذا وفي ضوء تضييق القضاء على نفسه من خلال نظرية اعمال السياده انتبه في فترة لاحقه الى ضرورة توسيع رقابته على اعمال الاداره فاضاف نوعا اخر من القواعد القانونيه غير المكتوبه وهي ‘ المباديء العامه للقانون ‘ principes generaux du droit يقول الفقيه du laubadere في مؤلفه ‘ القانون الاداري ‘ ان اصطلاح المباديء العامه يطلق على عدد من المباديء التي لا تظهر مصاغة في نصوص مكتوبه ولكن يعترف بها القضاء باعتبارها واجبة الاحترام من الاداره وان مخالفتها تمثل انتهاكا للمشروعيه on appellee ainsi un certain nombre de principes qui ne figure pas dans textex mais que la jurisprudence reconnait comme devant etre respectes par l,administration leur violation constituent une illegalite ونضيف الى السبب في هذه الاضافه ان السلطه التنفيذيه تختص باصدار اللوائح دون الاستناد للقانون ولا خضوع لرقابة البرلمان ولا يجوز للبرلمان التشريع في هذا المجال فاضاف القضاء المقارن المباديء العامه للقانون لتحل محل القانون الغائب وتضمن بالتالي اخضاعها لسيادة القانون ولان اللوائح قرارات اداريه وقاضيها الطبيعي مجلس الدوله فالمباديء العامه ملاده لاستعادة اختصاصه الذي انتزع منه او تنازل عنه بغير حق . ونضيف ايضا ان الفقه والقضاء اختلف حول مرتبة هذه المبادي ‘ قيل انها بمرتبة القانون ‘ كما قيل انها بمرتبة الدستور ‘ ( يراجع الكتور محمود حافظ – القضاء الاداري في الاردن – المرجع السابق – ص 19 وما بعدها كما يراجع الدكتور محمد رفعت عبدالوهاب – -المباديء العامه للقانون كمصدر للمشروعيه في القانون الاداري – طبعة الدار الجامعيه 1992 ‘ 2–يقول استاذنا الدكتور ثرون بدوي ان تدرج الاعمال القانونيه يمثل في مجال القانون ما تمثله النظريات الهندسيه بالنسبه للمهندسين وما يمثله علم التشريح بالنسبه للاطباء ‘ تدرج القرارات الاداريه ومبدأ الشرعيه – القاهره 1970 – ص 10 وما بعدهامحدده وهو الذي يضمن تنظيمها وترتيبها والتنسيق فيما بينها وتحديد مصادرها ويحقق وحدتها وترابطها . فالتدرج يعني ان القواعد القانونيه التي يتكون منها النظام القانوني في الدوله ترتبط ببعضها ارتباطا تسلسليا وانها ليست جميعا في مرتبة واحده من حيث القيمه والقوه القانونيه بل تتدرج فيما بينها بما يجعل بعضها اسمى مرتبه من البعض الاخر فنجد في القمه القواعد الدستوريه التي تكون اعلى مرتبه من القواعد التشريعيه اي الصادره عن السلطه التشريعيه وهذه بدورها تحتل مرتبة اعلى من مرتبة القواعد القانونيه العامه ‘ اللوائح التنظيميه ‘ التي تصدرها السلطه التنفيذيه وتستمر في هذا التدرج التنازلي حتى تصل الى القاعده الفرديه اي القرار الاداري الصادر عن سلطه اداريه دنيا . ويترتب على مبدأ التدرج للقواعد القانونيه وجوب خضوع القاعده الادنى للقاعده الاسمى من حيث الشكل والموضوع اي صدورها من السلطه التي حددتها القاعده الاسمى وباتباع الاجراءات التي بينتها وان تكون متفقة في مضومنها مع مضمون القاعده الاعلى كما ان القرار الفردي لا بد ان يكون تطبيقا لقاعدة عامه مجرده موضوعه سلفا واخيرا فان العمل المادي التنفيذي نفسه لن يكون الا تنفيذا للقرار المطبق للقواعد العامه على الحاله الفرديه وعليه فان هذا هو الذي يكفل تحقيق المساواه والعداله بين الافراد كما انه يكفل بناء الدوله القانونيه فما لم يوجد ارتباط بين القواعد القانونيه التي تكون النظام القانوني للدوله بحيث تتدرج جميعا في نظام هرمي يسمو بعضها على البعض الاخر تتفكك الدوله وينهار نظامها القانوني (1) ولذلك استقر القضاء على ان من حقه بل ومن واجبه الفصل عند قيام تعارض بين بعض هذه القواعد المختلفة المصدر ايها الاجدر بالرعاية والاولى بالتطبيق . ————————–1- ان الشرعيه كما يقول الدكتور ثروت بدوي لم تعد تعني مجرد احترام القواعد القانونيه الصادره عن السلطه التشريعيه بل اصبحت تشمل ايضا احترام القواعد القانونيه الصادره عن السلطه التنفيذيه سواء كان مصدر هذه القواعد لوائح عامه ام كان مصدرها قرارات فرديه . ولهذا فان تدرج القرارات الاداريه هو امتداد ضروري وطبيعي لوجود مبدأ الشرعيه . للقانون المكانه العليا بالنسبه للقرارات الاداريه التي يخضعها جميعا لاحكامه ولا سبيل الى تحقيق هذا الخضوع الا بربط القرارات الاداريه بالقانون ربطا تسلسليا تنفذ خلاله احكام القانون من القمه الى القاعده والتدرج وحده هو الذي يسمح باقامة هذا الرباط الذي يكون بمثابة المجرى الذي تسري فيه احكام القانون وضمانات القانون في العداله والمساواه . وبناء عليه لم يتخلف التنظام القانوني الاردني عن اعتماده لهذا المبدأ وفقا لما امرت به الماده 31 من الدستور ‘ الملك يصدق على القوانين ويصدرها ويأمر بوضع الانظمه اللازمه لتنفيذها بشرط ان لا تتضمن ما يخالف احكامها ‘ كما تراجع الماده الثانيه من القانون المدني الاردني رقم 3 لسنة 1976 حيث نصت على المصادر الاحتياطيه التي يلجأ اليها اذا خلا المصدر الاصلي او المكتوب من قاعده تحكم النزاع كما لم يتخلف النظام القانوني الاردني عن تقنين الرقابه القضائيه التي تعتبر الاكمل والاكفل لحماية الحقوق والحريات الفرديه والاضمن لتحقيق مبدأ الشرعيه عندما نصت الماده 100 منه على ‘ القضاء الاداري ‘ للنظر في المنازعات الاداريه الى جانب القضاء العادي الذي ينظر المنازعات بين الافراد , تعين انواع جميع المحاكم ودرجاتها واقسامها واختصاصاتها وكيفية ادارتها بقانون خاص على ان ينص هذا القانون على انشاء قضاء اداري على درجتين ‘ وتمشيا مع هذا النص صدر القانون رقم 47 لسنة 2014 ‘ قانون القضاء الاداري ‘ , وعندما نص في الماده 58 وما بعدها على ان تنشأ بقانون محكمه دستوريه وتختص بالرقابه على دستورية القوانين والانظمه النافذه وفق اسلوب الطعن المباشر واسلوب الدفع الفرعي ‘ وتمشيا مع هذه النصوص صدر قانون المحكمه الدستوريه رقم 15 لسنة 2012 ‘ قانون المحكمه الدستوريه ‘ وعليه وبالعوده الى بيان القيمه القانونيه للتوجه الاول الخاص باعمال السياده او الاعمال السياسيه او اعمال الحكومه نجد بان الرقابه القضائيه واسعة المجال ولكن القضاء الاردني ‘ محكمة العدل العليا ومن بعدها القضاء الاداري ضيق على نفسه من خلال نظرية اعمال السياده التي انشاها القضاء الفرنسي وذهبت باتجاه تحصين الطائفه الاكبر من المعاهدات والاتفاقات التي يبرمها الملك بواسطة وزراءه وذلك بعدم جواز رقابتها وفقا لاي صورة من صور الرقابه وتعتبر نافذه دون الرجوع الى مجلس الامه واخذ موافقته . وهنا لا بد من وقفه هل هناك في النظام القانوني الاردني ‘ الدستور والقوانين المكمله ‘ ما يجيز هذا التضييق ويبقي المعاهدات والاتفاقات خارج الرقابه بما فيه دون موافقة مجلس الامه ؟ سنسارع الى الاجابه نقطة البدء وفي ضوء تقنين مبدأ تدرج الاعمال القانونيه في النظام القانوني الاردني نصت الماده 58 من الدستور على ان تنشاء بقانون محكمه دستوريه وتعتبر هيئه قضائيه مستقله على ان تختص المحكمه الدستوريه وفقا لنص الماده 59 من الدستور بالرقابه على دستورية القوانين والانظمه النافذه … كما نصت الماده 60 من الدستور على انه في الدعوى المنظوره امام المحاكم يجوز لاي من اطراف الدعوى اثارة الدفع بعدم الدستوريه وعلى المحكمه ان وجدت ان الدفع جدي تحيله الى المحكمه التي يحددها القانون لغايات البت في امر احالته الى المحكمه الدستوريه فهل تنسحب هذه الرقابه الدستوريه على اعمال السياده ؟ وهي الاعمال التي تصدر عن السلطه التنفيذيه عند مزاولتها لحقوقها المقرره لها في الدستور او في القوانين ؟ سنسارع الى الاجابه بان الرقابه الدستوريه تنسحب على اعمال السياده وفقا لمبدأ الفصل بين السلطات الذي قننه الدستور الاردني وحدد لكل سلطة من السلطات الثلاث التشريعيه والتنقيذيه والقضائيه المجال الذي تعمل فيه ‘ تراجع المواد 28 وما بعدها من الدستور الاردني ‘ ونضيف من الدستور الاردني ما يؤكد ذلك ما تامر به الماده 24 من الدستور الاردني ‘ الامه مصدر السلطات وتمارس الامه سلطاتها على الوجه المبين في هذا الدستور ‘ وما تامر به الماده 27 من الدستور على ان السلطه القضائيه مستقله تتولاها المحاكم على اختلاف انواعها ودرجاتها وتصدر جميع الاحكام وفق القانون باسم الملك ‘ وبذلك جعل الدستور استعمال السلطات لوظائفها ينتظمه دائما تعاون متبادل بينها على اساس احترام كل منها للمباديء التي قررها الدستور فالمبدان ‘ مبدأ الفصل بين السلطات ‘ ومبدأ ممارسة السلطات على الوجه المبين في الدستور ‘ متلازمان يسيران جنبا الى جنب ويكمل احدهما الاخر وبغير ذلك لا تنتظم الحياه الدستوريه لانه اذا اهدرت احدى السلطات اي مبدأ من مباديء الدستور فانها تكون قد خرجت عن دائرة المجال المحدد لاستعمال سلطتها واذا جاز لها ان تتخذ من مبدأ فصل السلطات حجة تتذرع بها في اهدارها للدستور لانتهى الامر كما يقول فقه القانون الدستوري الى قوضى وبالتالي هدم البنيان الدستوري جميعه . ونضيف ان انسحاب الرقابه القضائيه الدستوريه على اعمال السلطه التنفيذيه ومنها اعمال السياده لا يخل بما يامر به الدستور ذلك لان المحكمه الدستوريه لا تعتدي على اختصاص السلطه التنفيذيه انما تقوم فقط بالمفاضله بين اعمال السياده الصادره عن السلطه التنفيذيه والقانون او بين هذا العمل والدستور نفسه . فاذا امتنع القضاء عن ترتيب الاثار القانونيه لعمل السلطه التنفيذيه المخالف لاحكام الدستور او لنص القانون فسبب ذلك يرجع الى سيادة الدستور الذي يخاطب جميع السلطات وجميع الافراد على السواء . وعليه فان تمسك السلطه التنفيذيه بحرمان القضاء من سلطة التحقق من مشروعية اعمالها استنادا الى فكرة السياده يتنافى مع مباديء القانون العام الحديث لان السياده كما قيل ‘ لا تضعف بالالتزام بالقانون ولا يقبل تغليب السلطه على القانون . هذا ولان لدينا اعظم قاعده قننتها الماده 128 من الدستور ‘ لا يجوز ان تؤثر القوانين التي تصدر بموجب هذا الدستور لتنظيم الحقوق والحريات على جوهر هذه الحقوق والحريات او تمس اساسياتها ‘ فاننا سنذهب مع فقه القانون العام الى قصر الرقابه على اعمال السياده بفحص مشروعية عمل السياده اي التحقق من توافر عناصره القانونيه فقط دون امتدادها الى الجانب السياسي الخاص بوزن صلاحيات اصداره لان تقدير موجبات هذا الاصدار يجب ان يظل من شان الجهه المختصه بالعمل نفسه . وبهذا تصبح اعمال السياده خاضعه لنفس القواعد المقرره للاعمال التي تتخذها السلطه التنفيذيه بموجب سلطتها التقديريه (1) قياسا كما يقول فقه القانون العام على ما تفعله المحاكم الانجليزيه والامريكيه والالمانيه عند نظرها للدعاوى المتعلقه باعمال السياده او الحكومه او السياسيه . وفي ضوء ما تقدم لا بد من وقفه امام ما ذهب اليه المشرع الاردني من نظرية اعمال السياده حيث نصت الفقره د من الماده الخامسه من قانون القضاء الاداري لعام 2014 ‘ لا تختص المحكمه الاداريه بالنظر في الطلبات او الطعون المتعلقه باعمال السياده ‘ وهو بهذا لا ينسجم مع النصوص الدستوريه سالفة الذكر التي لا تقر التحصين وتجيز الرقابه على مشروعية اعمال السياده .واما ما يخص القرارات الوزاريه التي تصدرها السلطه التنفيذيه بالموافقه على المعاهدات والاتفاقيات المصنفه بغير حق اعمال سياده في النظام القانوني الاردني فهذه تصدر عن السلطه التنفيذه دون الاستناد الى قانون ولا خضوع لرقابة البرلمان الامر الذي اثار تساؤلا لدى كل من الفقه والقضاء ؟ واخذ كل يبحث عن ما يوسع صلاحية القضاء في الرقابه على هذه القرارات الوزاريه وهي في الحقيقه قرارات اداريه ؟ (2) وهنا يجب التمييز بين عدم مشروعية القرارات الوزاريه عندما تخالف القانون الذي يتوسط بينها وبين الدستور وعدم دستورية القرارات الوزاريه عندما تخالف الدستور مباشرة . ولان عيب عدم الدستوريه بالنسبه للقرارات الوزاريه ينبغي ان يكون عيبا ذا صفة احتياطيه لا يلجأ اليه القاضي الا اذا انعدم عيب عدم المشروعيه .وبناء عليه ولان القرارات الوزاريه سالفة الذكر لا تستند الى قانون ولا يوجد بالتالي ما يتوسط بينها وبين الدستور وينعدم بذلك عيب عدم المشروعيه فان القرارات الوزاريه مشوبه بعيب عدم الدستوريه حيث تخالف النصوص سالفة الذكر التي تجيز انسحاب الرقابة الدستوريه عليها . واما ما يخص ‘ القيمه القانونيه للتوجه الثاني الذي ينصب على طائفة المعاهدات والاتفاقيات التي لا تحتاج لنفاذها موافقة مجلس الامه وذلك بالاعتماد ‘ غلطا وخطأ على قراري المجلس العالي لتفسير احكام الدستور ‘ 2/1955 و 1/1962 ‘ اما ما يخص القرار الاول ‘ 2/1955 ‘ الذي يطلب فيه مجلس الوزراء بيان انواع المعاهدات التي يشترط لنفاذها الحصول على موافقة مجلس الامه ‘ فاني ارى بان النص المطلوب تفسيره كان واضحا تماما حيث لا تكون جميع المعاهدات والاتفاقيات التي ————————-1-يراجع عن السلطه التقديريه الدكتور الطماوي – المرجع السابق – ص 28و130 وما بعدها وتعرف حينما يترك القانون للسلطه التنفيذيه الحريه حول ما يصح عمله وما يصح تركه تحت رقابة القضاء . 2- حيث المشكله عندما يكون القانون غائب وهناك مانع من الرقابه الدستوريه فقيل بالدفع الفرعي اعتمادا على مبدأ تدرج القواعد القانونيه كما قيل بنظرية المباديء العامه للقانون كمصدر من مصادر الشرعيه وبالتالي فان القرار او الاجراء الذي تتخذه الاداره مخالفا لها يعتبر باطلا لمخالفته لمبدأ الشرعيه . تضمنتها الماده 33/2 نافذة الا اذا وافق عليها مجلس الامه وبالتالي التفسير لم ياتي بجديد فقد ‘ اجتر النص ‘ واقر بعدم نفاذها جميعا الا بموافقة مجلس الامه وهي الوافقه التني تنتجها مجموعه من الحيثيات او الاسباب افصح النص عن اهمها وترك للمجلس ان يستخلص منها ويبني عليها ‘ واما ما يخص القرار الثاني ‘ 1/1962 ‘ الذي يطلب فيه مجلس الوزراء بيان ما اذا كانت الاتفاقيات الماليه التي تبرمها الحكومه مع البنوك الخاصه الاجنبيه تخل في مفهوم الاتفاقيات المنصوص عليها في الماده 33/2 ‘ ولا تكون نافذة الا بموافقة مجلس الامه . انتهي التفسير – وعلى غير ما يراه ويقره فقه القانون الدولي العام – الى الاعتماد على مبدأ التخصيص ‘ اي ما تعنيه المعاهدات غير ما تعنيه الاتفاقيات ‘ وذهب الى القول بان الاتفاقيات وفقا للماده 33/2 تعني تلك التي يكون طرفاها دولتان او اكثر وتتعلق بامر غير سياسي . اما الماليه المبرمه ما بين الدوله والاشخاص الطبيعيين او المعنويين فلا تشملها الماده 33/2 ‘ واشتط المجلس اكثر في حيثياته وكانه لا يقوم بتفسير نصوص الدستور الاردني لعام 1952 وانما دستور اخر وفي دولة اخرى عندما قال ‘ ان هذا المألوف في الدساتير الاجنبيه ‘ واشتط اكثر عندما قال ‘ واذا كان لا بد من موافقة مجلس الامه لا بد من تعديل الدستور ولان القرارين شكلا للمحكمه الدستوريه الاردنيه خريطة طريق لتفسير الماده 33 بفقرتيها 1و2 من الدستور فانه لا بد من وقفه امام القرار رقم 1 /1962 الذي اجتره الجدل الذي اثير في نيسان من عام 2019 حول اتفاقية شراء الغاز من اسرائيل واربك كل من السلطتين التنفيذيه والتشريعيه وقاد الى تقديم طلب التفسير من المحكمه الدستوريه الاردنيه الموقره للماده 33/2 الذي جاء قرارها بحيثياته وبمنطوقه موافقا تماما لما رسمته السلطه التنفيذيه وما تضمنه قرار المجلس العالي .لنقول ونتساءل دون ان يكون هناك اي ضرر من تكرار لمساله مهمه هنا او هناك ماذا عن القيمه القانونيه لقرار التفسير الصادر في ضوء:اولا)’ ما ذهب اليه فقه القانون الدولي العام (1) المعاهدات اتفاقات تعقدها الدول فيما بينها بغرض تنظيم علاقه قانونيه دوليه وتحديد القواعد التي تخضع لها هذه العلاقه . والاصل في راي الكثيرين من الكتاب ان ينصرف لفظ معاهدات traite بصفة خاصه الى الاتفاقيات الدوليه الهامه ذات الطابع السياسي كمعاهدات الصلح ومعاهدات التحالف وما شابهها اما ما تبرمه الدول في غير الشؤون السياسيه فيطلق عليه اسم انفاقيه convention او اتفاق accord تبعا لاهمية ما ————————–1- الفقيه الدكتور على صادق ابو هيف – القانون الدولي العام – المرجع السابق – ص 523 وما بعدها ومن المراجع التي يشير اليها في موضوع ماهية المعاهدات ‘ ليفورfur ‘ louis’ précis de droit international public le وفوشي fauchille “ paul’ traite de droit international public ما اتفق عليه وعدد الدول المشتركه فيه . على ان التخصيص في التسميه ليس له نتيجة عملية فالواقع ان مؤدى هذه الالفاظ جميعها واحد وكلها تدور حول فكرة واحدة وهي قيام اتفاق بين دولتين او اكثر تترتب عليه نتائج معينه لا تختلف باختلاف ما يعطى للاتفاق من تسميه وقد جرى العمل فعلا على استعمال لفظي معاهده واتفاقيه كمترادفين دون التقيد بالتخصيص المتقدم ذكره . وهناك ابضا من الاتفاقيات الدوليه ما تحمل اسم تصريح او اعلان declaration او بروتوكول protocole ……….. ومنها ما يطلق عليه عهد او ميثاق charte اما من الناحيه القانونيه كما يقول الفقيه ‘ فوشي ‘ الذي اشار اليه استاذنا الدكتور ابو هيف ‘ فلا يختلف التصريح او البروتوكول او الميثاق عن المعاهده او الاتفاقيه سواءمن حيث شروط صحة كل منها ونفاذها ومن حيث الاثار التي تترتب عليها . ‘ ونضيف امرا هاما لم يلتفت اليه الكثير من الباحثين والدارسين للمعاهدات والاتفاقيات الدوليه الا وهو ما يعتقده البعض غلطا وخطا من ان تنظيم المعاهدات والاتفاقيات للروابط القانونيه المختلفه انقسمت الى قسمين واصبحنا نشهد نوعين منها : اما النوع اول ) : فهو معاهدات واتفاقات القانون العام traite de droit public واما النوع الثاني ) : فهو معاهدات واتفاقات القانون الخاص traite de droit prive يقول الفقه القانوني ان جميع المعاهدات والاتفاقات تتصل بالقانون العام ذلك لان تنظيم روابط القانون الخاص التي تمس خزانة الدوله وحقوق مواطنيها مستقبلا عن طريق معاهده او اتفاقيه امر اقتضته مصلحتها ويضيف هذا الفقه ان هناك الكثير من المعاهدات والاتفاقات التي عقدت في العصر الحديث تحتوي على احكام كثيره تتصل بالقانونين العام والخاص على السواء ثانيا)’ وما ذهب اليه الفقه الدستوري ‘ (1) من ان قيد الرجوع الى مجلس الامه لاخذ موافقته على المعاهدات والاتفاقيات لوضعها موضع التنفيذ ينبذ اطلاق يد السلطه التنفيذيه في ابرامها حيث المساس بالدستور وما يامر به وبالسلطه التشريعيه ودورها ولهذا وجبت موافقة الهيئه التي تملك تعديل الدستور وتملك التشريع . وعليه فان الراي الذي ذهبت اليه المحكمه الدستوريه الاردنيه ( ان ما يعقد من اتفاقيات يجب ان يكون طرفاها حكومات من اشخاص القانون الدولي العام ويخرج عن هذا الاطار اي اتفاقيه تعقد بين الحكومه واشخاص طبيعيين او معنويين وتبعا لذلك فان الاتفاقيات التي تبرمها الشركات المملوكه بالكامل للحكومه مع شركات اخرى لا تدخل في مفهوم الاتفاقيات المنصوص عليها في الماده 33/2 ) يثير التساؤل هل هناك ما يدعم هذا الراي وبالتالي يبرر اسقاطه على اتفاقية الغاز المعقوده ما بين الاردن واسرائيل ؟ لا نعتقد ذلك للاسباب التاليه :1- سقوط ‘ حبس الرقابه القضائيه ‘ وفقا لما امر به الدستور الاردني المواد 31و24و27و28 وما بعدها ‘ عن المعاهدات والاتفاقات التي تعقد وفقا لنص الماده 33 من الدستور .2- سقوط التمييز ما بين نوعي المعاهدات والاتفاقات ‘ في القانونين العام والخاص حيث تتصل جميعها في القانون العام وتدخل جميعها في نطاق الماده 33/2 من الدستور ———————–1- الدكتوران وحيد رافت ووايت ابراهيم – القانون الدستوري – 1937 – ص 560 3-وان الرقابة تتم وفقا لنص الماده 128 الذي يكرس مبدأ المشروعيه ويحرم مبدأ الملاءمه وفي ضوء ان مهمة المحكمه الدستوريه الاردنيه هي كفالة تطبيق الدستور الاردني وليس رقابة تطبيق اي دستور اخر ودون ان ننسى ان المحكمه الدستوريه الاردنيه في احكامها وقراراتها وكيانها ليست متروكة لمشيئة افرادها اذ يحكمها الدستور والقانون فان هي فعلت غير ذلك قانها بكل بساطه تهدر الدستور والقانون . هذا ولما اشترطت الاتفاقيات الدوليه لابطال المعاهده او الاتفاقيه ان يكون هناك خللا واضحا بقاعدة مهمه و جوهريه ولما جاء في قرارات التحكيم الدولي ‘ ان سلطة ممثل الدوله ايا كان مركزه ‘ رئيس وزراء , وزير …..الخ تتوقف اساسا على حكم الدستور ولا يهم حسن نيته كما لا يهم الاعتقاد الذي يقوم لدى الطرف الاخر بشان من يتعاقد معه ‘ كما نضيف ‘ ان صحة المعاهدات والاتفاقات من الناحية الدوليه يتوقف على صحة اعتمادها داخليا ‘ depent de sa regularite interne وعليه فان ما سبق يعد مبدأ عاما عند العديد من الدول حيث ان المعاهده او الاتفاقيه لا تكون ملزمه الا اذا روعي في ابرامها الشروط الدستوريه والا فهي باطله . وهنا لا بد من وقفه لنتساءل هل توفر الخلل سالف الذكر في اتفاقية بيع وشراء الغاز التي ابرمت ما بين الاردن واسرائيل ؟ سنسارع الى الاجابه بنعم فعدم الانسجام ما بين ابرام الاتفاقيه وحبس الرقابة عنها وبالتالي حبس موافقة مجلس الامه عليها . لا ينسجم مع ما امرت به نصوص الدستور يؤيد هذا ويعززه كل من الفقه الدستوري والفقه الدولي . وما دام الامر كذلك الاتفاقيه باطله فهل تتحمل الدوله النتائج التي تترتب على البطلان ؟ سنسارع ايضا الى القول ‘ لان سبب البطلان جوهري ‘ ولان الاتفاقية لم تنفذ بعد ‘ ولان هناك من السوابق المماثله فلا تتحمل الدوله ما يترتب عى البطلان واذا كان هناك من الشروط التي تتضمنها الاتفاقيه فهده سقطت بسقوط الاتفاقيه . واتمنى على اساتذة القانون الدولي في الجامعات الاردنيه ان يدلي كل بدلوه . والله الموفق الى سوي الطريق


لخبر على موقع المصدر:“عمون نيوز”